الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{يَكْسِبُونَ يا معشر الجن والإنس أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مّنْكُمْ} [الأنعام: 130] وهي عند كثير من أرباب الإشارة العقول وهي رسل خاصة ذاتية إلى ذويها مصححة لإرسال الرسل الآخر وهي رسل خارجية.وبعض المعتزلة حمل الرسول في قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذّبِينَ حتى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15] على العقل أيضًا.وهذه الأسئلة عند بعض المؤولين والأجوبة والشهادات كلها بلسان الحال وإظهار الأوصاف {ذلك أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ مُهْلِكَ القرى} أي الأبدان أو القلوب {بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غافلون} [الأنعام: 131] بل ينبهم بالعقل وإرشاده إقامة للحجة ولله تعالى الحجة البالغة {وَلِكُلّ درجات} [الأنعام: 132] مراتب في القرب والبعد {وَرَبُّكَ الغنى} لذاته عن كل ما سواه {ذُو الرحمة} العامة الشاملة فخلق العباد ليربحوا عليه لا ليربح عليهم، والغني عند الكثير مشير إلى نعت الجلال وذو الرحمة إلى صفة الجمال {إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ} لغناه الذاتي عنكم {وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاء} [الأنعام: 133] من أهل طاعته برحمته {قُلْ اعملوا على مَكَانَتِكُمْ} أي جهتكم من الاستعداد {إِنّى عامل} [الأنعام: 135] على مكانتي من ذلك {وَهُوَ الذي أَنشَأَ} في قلوب عباده {جنات معروشات} ككرم العشق والمحبة {وَغَيْرَ معروشات} وهي الصفات الروحانية التي جبلت القلوب عليها كالسخاء والوفاء والعفة والحلم.والشجاعة {والنخل} أي نخل الإيمان {والزرع} أي زرع إرادات الأعمال الصالحة {والزيتون} أي زيتون الإخلاص {والرمان} أي رمان شجر الإلهام، وقيل في كل غير ذلك وباب التأويل واسع {كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ} وهو المشاهدات والمكاشفات {وَهُوَ الذي أَنشَأَ} المريدين {حَقَّهُ} وهو الإرشاد والموعظة الحسنة {يَوْمَ حَصَادِهِ} أوان وصولكم فيه إلى مقام التمكين والاستقامة {وَلاَ تُسْرِفُواْ} بالكتمان عن المستحقين أو بالشروع في الكلام في غير وقته والدعوة قبل أوانها {إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المسرفين} [الأنعام: 141] لا يرتضي فعلهم {وَمِنَ الأنعام} أي قوى الإنسان {حَمُولَةً} ما هو مستعد لحمل الأمانة وتكاليف الشرع {وَفَرْشًا} ما هو مستعد لإصلاح القالب وقيام البشرية {كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ الله} وهو مختلف فرزق القلب هو التحقيق من حيث البرهان ورزق الروح هو المحبة بصدق التحرز عن الأكوان.ورزق السر هو شهود العرفان بلحظ العيان {وَلاَ تَتَّبِعُواْ خطوات الشيطان} بالميل إلى الشهوات الفانية والاحتجاب بالسوي {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} [الأنعام: 142] يريد أن يحجبكم عن مولاكم والله تعالى الموفق لسلوك الرشاد. اهـ.
|